لقد أقرت الشريعة السمحة الإسترقاء والاستشفاء والتداوي بتلاوة آيات وسور من القرآن الكريم على الأمراض الجسدية…
وجعلتها أسباباً شرعية صحيحة نافعة بإذن الله تعالى…
وحريّ بكل مسلم أن لا يدع الرقية الشرعية والدعاء في طلب الشفاء ودفع البلاء سواء بالرقيه الشرعيه للامراض الروحيه او بالطب الحديث للأمراض العضويه المختلفه…
وتجدر الإشارة إلى أن الرُقية الشرعية والإستشفاء بالقرآن لا تعني ترك التداوي والاستشفاء بالأدوية الطبيعية المادية…
والإكتفاء بقراءة آيات من القرآن الكريم، فليس ذلك من الرشد في الدين…
ولا من الفقه لسنن الله تعالى في الكون، ولكن الشأن هو الجمع بين الأمرين والانتفاع بهما متلازمين معا…
والجمع بين بذل الأسباب الحسية والمادية، مع الاعتماد على ما جاء به التوجيه الشرعي…
وتعلق القلب بالله تعالى وحده، فهو النافع وهو ربّ الأسباب والأدواء التي لا تشفي وهو الشافي والدافع لجميع الأمراض…
وهو النافع والواهب للصحة والعافية، وهو الذي يحول بين هذه الأسباب وبين مقتضياتها، وهو الذي يجعل فيها النفع سبحانه وتعالى…
فالمسلم طبيباً كان أو غير طبيب يجب أن يسلّم بما ثبت شرعاً من الشفاء بالرقية لا سيما القرآن الذي سماه الله تعالى ﴿ هُدًى وَشِفَاءٌ ﴾ [فصلت: 44] و﴿ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الإسراء: 82]…
وما صحّ من أنّ النبي صلى الله عليه وسلم رقاه جبريلُ عليه السلام فقال: «باسم الله يبريك ومن كل داء يشفيك… »…
فقوله:«ومن كل داء يشفيك»، دليل على شمول الرقية لجميع أنواع الأمراض النفسية والعضوية…
وباستقراء السنّة نجد أن الأمراض التي عولجت بالرقية في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كانت من الأمراض العضوية وما كانوا يعرفون النفسية المعهودة في عصرنا…
لقد كثرت الأمراض النفسية والروحية والعضوية في هذا العصر، وتعددت أنواعها وأشكالها وخرجت علينا أمراض جديدة ما كانت معروفة في السابق…
واجتهد الناس في علاج ما أصابهم منها، فبذلوا الأموال والأوقات…
ومع ذلك فالمستشفيات والمصحات في ازدياد وامتلاء…
والأمراض في انتشار وكثرة ولا حول ولا قوة إلا بالله…
وقد حصل كل ذلك أو بعضه بسبب غفلة كثير من الناس عن أسباب التحصن بالأذكار المعروفه من الوقوع في مثل هذه الأمراض…
وجهلوا من جانب آخر الطرق الصحيحة للعلاج منها بعد وقوعها، وخاصة فيما يتعلق بكيفية الاستفادة من الرقية الشرعية…
*الرقــــية والطـــــب
الأمراض أنواع منها ما يعرفه الأطباء بفضل من الله – فلا علم إلا ما علّمهم الله – ثم بما سخره لهم من أجهزة طبية متطورة، ووسائل تشخيصية حديثة متقدمة….
فقد تم – بفضل الله – اكتشاف الكثير من الأدوية الناجحة والعقاقير الطبية النافعة، وغيرها من الأساليب العلاجية المادية الحديثة الفعّالة (مثل العلاج بأشعة الليزر بأنواعها واستخداماتها المختلفة وكذلك العلاج بالجينات الوراثية الذي أصبح حقيقة واقعة) التي جعلها الله سببًا للشفاء من هذا النوع من الأمراض على أيدي الأطباء بإذنه سبحانه وتعالى…
ومنها أيضًا بعض الأمراض الروحيه التي لا تدركها سماعات الأطباء ولا أجهزتهم المادية…
أو مختبراتهم المعملية ولا تطولها علاجاتهم بالأدوية الحسية، مما يجعل الكثير منهم يغفلون عنها ولا يأخذونها في الاعتبار عند علاجهم للمرضى ويتم فقط معالجة الأعراض الظاهره لكن يظل سبب المرض العضوي او الروحي موجود بالمريض ولا يزول الا بتكرار بالرقيه الشرعيه عليه والتخلص من أسباب تلك الاعراض…
لذلك فانه من الضروري أن نميز بين المرض العضوي والروحي ليسهل علينا تحديد برنامج العلاج…
فإن كان المرض عضويا ننصح بالتوجه إلى الطبيب وكذا إستعمال الأدوية الطبية مع الدعاء الخالص والمحافظة على الأذكار وقراءة آيات الشفاء الواردة في الكتاب والسنة والتي تعالج رفع البلاء والضر…
حينئذ يشرع المعالج بالقرآن في تحديد نوعية الإصابة الروحية والتى قد تكون حسداً أو غيرها ورقيتها حتى يشفى المريض من تلك الاعراض…
وقد أخبرنا الله عز وجل بهذا النوع من الأمراض والشرور الممرضة والقاتلة (كالحسد مثلاً) في كتابه العزيز وفي سنة رسوله الذي لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى والتي لا ينفع معها العلاج الطبي المادي وإنما علاجها بإذن الله تعالى بالوسائل الشرعية (كالرقية مثلاً) من الكتاب والسنة…
فالله عز وجل هو الذي خلق الصحة والمرض وخلق أسبابهما وهو الشافي المعافى يشفى بسبب خلقه وقدّره…
أو يشفى بغير سبب، له الأمر من قبل ومن بعد، له الحكمة البالغة لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه….
ولا ملجأ ولا منجا منه إلا إليه هو الشافي لا شفاء إلا شفاؤه شفاءً لا يغادر سقمًا…
لذلك فقد أصبح اقتناع الكثير من الأطباء بالرقية الشرعية كوسيلة وحيدة لعلاج السحر أو العين أو الجن ظاهرة صحية ملحوظة تظهر أكثر وأكثر مع مرور الأيام والحمد لله…
وأصبح اقتناعهم بأن هذه الأمراض ليست من اختصاصهم, واقتناعهم بأن الرقية الشرعية خط والدجل والسحر والشعوذة خط آخر موازي تماما للخط الأول….